كتاب: كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال **


30161- ‏{‏من مسند جابر بن عبد الله‏}‏ عن جابر قال‏:‏ دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وفي البيت وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما تعبد من دون الله فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبت كلها لوجوهها، ثم قال‏:‏ جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت فصلى فيه ركعتين فرأى فيه تمثال إبراهيم وإسماعيل وإسحاق قد جعلوا في يد إبراهيم الأزلام ‏(‏الأزلام‏:‏ هي القداح التي كانت في الجاهلية عليها مكتوب الأمر والنهي، افعل ولا تفعل، كان الرجل منهم يضعها في وعاء له فإذا أراد سفرا أو زواجا أو أمرا مهما أدخل يده فأخرج زلما، فإن خرج الأمر مضى لشأنه، وإن خرج النهي كف عنه ولم يفعله‏.‏ النهاية 2/311‏.‏ ب‏)‏ يستقسم بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قاتلهم الله ما كان إبراهيم يستقسم بالأزلام ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بزعفران فلطخه بتلك التماثيل‏.‏

‏(‏ش‏)‏‏.‏

30162- عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء‏.‏

‏(‏ش‏)‏‏.‏

30163- عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصور في البيت وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب زمان الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها فلم يدخل البيت حتى محيت كل صورة فيها‏.‏

‏(‏كر‏)‏‏.‏

30164- عن الحارث بن غزية الأنصاري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم فتح مكة‏:‏ لا هجرة بعد الفتح إنما هو الإيمان والنية والجهاد متعة النساء حرام، متعة النساء حرام، متعة النساء حرام، ثم كان الغد فقال‏:‏ يا معشر خزاعة والذي نفسي بيده لو قتلتم قتيلا لأديته لا أعلم أحدا أعدى على الله ممن استحل حرمة الله أو قتل غير قاتله، ثم انصرف ثم كان بعد الغد فقام فقال‏:‏ والذي نفسي بيده لقد علمت أن مكة حرم الله وأمنه وأحب البلدان إلى الله ولو لم أخرج منها لم أخرج لا يعضد ‏(‏لا يعضد‏:‏ أي لا يقطع‏.‏ يقال‏:‏ عضدت الشجر أعضده عضدا‏.‏ النهاية 3/251‏.‏ ب‏)‏ شجرها ولا يحتش حشيشها ولا يختلى خلاها فقال العباس‏:‏ إلا الإذخر يا رسول الله فإنه للصواغين وظهور البيوت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إلا الإذخر لا ينفر صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمنشد ‏(‏لمنشد‏:‏ يقال‏:‏ نشدت الضالة فأنا ناشد؛ إذا طلبتها، وأنشدتها فأنا منشد، إذا عرفتها‏.‏ النهاية 5/53‏.‏ ب‏)‏‏.‏

الحسن بن سفيان وأبو نعيم‏.‏

30165- عن الحارث بن مالك أن البرصاء الليثي قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة‏:‏ تغزى بعد اليوم إلى يوم القيامة‏.‏

‏(‏ش‏)‏ وأبو نعيم‏.‏*تتمة غزوة الفتح

30166- ‏{‏مسند المسور بن مخرمة‏}‏ ابن إسحاق حدثني الزهري عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أنهما أخبراه جميعا أن عمرو بن سالم الخزاعي ركب إلى النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان من أمر خزاعة وبني بكر بالوتير حتى قدم المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره الخبر وقد قال أبيات شعر فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشده إياها‏:‏

لا هم إني ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيه الأتلدا

فوالدا كنا وكنت ولدا * ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا

فانصر رسول الله نصرا أعبدا * فادع عباد الله يأتوا مددا

فيهم رسول الله قد تجردوا * في فيلق كالبحر يجري مزبدا

إن قريشا أخلفوك الموعدا * ونقضوا ميثاقك المؤكدا

وزعموا أن لست تدعو أحدا * فهم أذل وأقل عددا

قد جعلوا لي بكداء مرصدا * هم بيتونا بالوتير هجدا

فقتلونا ركعا وسجدا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ نصرت يا عمرو بن سالم فما برح حتى مرت عنانة ‏(‏عنانة‏:‏ العنان - بالفتح‏:‏ السحاب، والواحدة عنانة‏.‏ النهاية 3/313‏.‏ ب‏)‏ في السماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن هذا السحابة لتستهل بنصر بني كعب، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز وكتمهم مخرجه، وسأل الله أن يعمي على قريش خبره حتى يبغتهم في بلادهم‏.‏

ابن منده ‏(‏أورد ابن سعد في الطبقات الكبرى في ترجمة عمرو بن سالم بن حضيرة البيت الأول فقط ‏(‏4/294‏)‏‏.‏ وهكذا أورد ابن الأثير في أسد الغابة ‏(‏4/225، 226‏)‏ الأبيات كلها في ترجمة عمرو بن سالم الخزاعي رقم 3923 واستدركت من الضبط والمقارنة ما أمكن واستقصى الحادثة ابن الأثير في كتابه الكامل ‏(‏2/162‏)‏‏.‏ وكذا في الروض الأنف للسهيلي ‏(‏2/265‏)‏ فارجع إليها‏.‏ ص‏)‏ ‏(‏كر‏)‏‏.‏

30167- ‏{‏من مسند السائب بن يزيد‏}‏ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قتل عبد الله بن خطل يوم الفتح وأخرجوه من تحت أستار الكعبة فضرب عنقه بين زمزم والمقام ثم قال‏:‏ لا يقتلن قرشي بعد هذا صبرا‏.‏

‏(‏كر‏)‏‏.‏

30168- ‏{‏من مسند سهل بن سعد الساعدي‏}‏ عن سهل بن عمرو قال‏:‏ لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وظهر اقتحمت بيتي وأغلقت علي بابي وأرسلت إلى ابني عبد الله بن سهيل أن أطلب لي جوارا من محمد صلى الله عليه وسلم‏:‏ فإني لا آمن أن أقتل، فذهب عبد الله بن سهيل فقال‏:‏ يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي تؤمنه‏؟‏ قال‏:‏ نعم هو آمن بأمان الله، فليظهر ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله‏:‏ من لقي منكم سهيلا فلا يشد إليه النظر فليخرج فلعمري أن سهيلا له عقل وشرف وما مثل سهيل جهل الإسلام، ولقد رأى ما كان يوضع فيه إنه لم يكن له بنافع، فخرج عبد الله إلى أبيه فأخبره بمقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سهيل‏:‏ كان والله برا صغيرا وكبيرا فكان سهيل يقبل ويدبر وخرج إلى حنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على شركه حتى أسلم بالجعرانة، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ من غنائم حنين مائة من الإبل‏.‏

الواقدي وابن سعد، ‏(‏كر‏)‏‏.‏

30169- عن يحيى بن يزيد بن أبي مريم السلولى عن أبيه عن جده قال‏:‏ شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة والهدي معكوفا فجاءه الحارث بن هشام فقال‏:‏ يا محمد جئتنا بأوباش من أوباش الناس تقاتلنا بهم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ اسكت هؤلاء خير منك وممن أخذ بأخذك، هؤلاء يؤمنون بالله ورسوله‏.‏

‏(‏كر‏)‏‏.‏

30170- عن عبد الله بن الزبير قال‏:‏ لما كان يوم الفتح أسلمت امرأة صفوان بن أمية البغوم بنت المعدل من كنانة وأما صفوان بن أمية فهرب حتى أتى الشعب، وجعل يقول لغلامه يسار وليس معه غيره‏:‏ ويحك انظر من ترى، قال هذا عمير بن وهب، قال صفوان‏:‏ ما أصنع بعمير والله ما جاء إلا يريد قتلي قد ظاهر محمدا علي، فلحقه فقال‏:‏ يا عمير ما كفاك ما صنعت بي حملتني على دينك وعيالك، ثم جئت تريد قتلي قال‏:‏ أبا وهب جعلت فداك جئتك من عند أبر الناس وأوصل الناس وقد كان عمير قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا رسول الله سيد قومي خرج هاربا ليقذف نفسه في البحر، وخاف أن لا تؤمنه فأمنه، فداك أبي وأمي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ قد أمنته فخرج في أثره فقال‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمنك فقال صفوان‏:‏ لا والله لا أرجع معك حتى تأتيني بعلامة أعرفها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ خذ عمامتي فرجع عمير إليه بها وهو البرد الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ معتجرا به برد حبرة فخرج عمير في طلبه الثانية حتى جاء بالبرد فقال‏:‏ أبا وهب جئتك من عند خير الناس وأوصل الناس وأبر الناس وأحلم الناس مجده مجدك وعزه عزك وملكه ملكك ابن أمك وأبيك وأذكرك الله في نفسك قال له‏:‏ أخاف أن أقتل قال‏:‏ قد دعاك إلى أن تدخل في الإسلام فإن يسرك وإلا سيرك شهرين فهو أوفى الناس وأبره، وقد بعث إليك ببرده الذي دخل به معتجرا فعرفه قال‏:‏ نعم فأخرجه فقال‏:‏ نعم هو هو‏.‏

فرجع صفوان حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس العصر في المسجد، فوقفا فقال صفوان‏:‏ كم يصلون في اليوم والليلة ‏؟‏ قال‏:‏ خمس صلوات قال‏:‏ يصلي بهم محمد‏؟‏ قال‏:‏ نعم، فلما سلم صاح صفوان يا محمد إن عمير بن وهب جاءني ببردك وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك فان رضيت أمرا وإلا سيرتني شهرين قال‏:‏ انزل أبا وهب قال‏:‏ لا والله حتى تبين لي، قال‏:‏ بل لك أن تسير أربعة أشهر، فنزل صفوان وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هوازن وخرج معه صفوان وهو كافر وأرسل إليه يستعيره سلاحه، فأعاره سلاحه مائة درع بأداتها، فقال صفوان‏:‏ طوعا أو كرها‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ عارية رادة فأعاره فأمره رسول الله صلى الله عيه وسلم فحملها إلى حنين، فشهد حنينا والطائف، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجعرانة فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في الغنائم ينظر إليها ومعه صفون بن أمية فجعل صفوان بن أمية ينظر إلى شعب مليء نعما وشاء ورعاء فأدام النظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقه فقال‏:‏ أبا وهب يعجبك هذا الشعب‏؟‏ قال‏:‏ نعم قال‏:‏ هو لك وما فيه، فقال صفوان عند ذلك‏:‏ ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأسلم مكانه‏.‏

الواقدي، ‏(‏كر‏)‏‏.‏

30171- عن ابن عباده قال‏:‏ كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم في المواطن كلها راية المهاجرين مع علي بن أبي طالب، وراية الأنصار مع سعد بن عبادة حتى كان يوم فتح مكة دفعت راية قضاعة إلى أبي عبيدة بن الجراح، ودفعت راية بني سليم إلى خالد بن الوليد، وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة، وراية المهاجرين مع علي ابن أبي طالب‏.‏

‏(‏كر‏)‏‏.‏

30172- ‏{‏من مسند ابن عباس‏}‏ ابن إسحاق حدثني الحسن بن عبد الله بن عبيد الله عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران قال العباس بن عبد المطلب‏:‏ وقد خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة‏.‏

‏(‏ق، كر‏)‏‏.‏

30173- ‏{‏أيضا‏}‏ الواقدي حدثني عبد الله بن جعفر قال‏:‏ سمعت يعقوب بن عتبة يخبر عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران قال العباس بن عبد المطلب‏:‏ واصباح قريش والله لئن دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم عنوة إنه لهلاك قريش آخر الدهر قال‏:‏ فأخذت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهباء، فركبتها وقال‏:‏ التمس خطابا أو إنسانا ابعثه إلى قريش يتلقون رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخلها عليهم عنوة قال‏:‏ فوالله إني لفي الأراك أبتغي إنسانا إذ سمعت كلاما يقول‏:‏ والله إن رأيت كالليلة في النيران قال يقول بديل بن ورقاء‏:‏ هذه والله خزاعة حاشتها الحرب، قال أبو سفيان‏:‏ خزاعة أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانهم وعشيرتهم، قال‏:‏ فإذا بأبي سفيان فقلت أبا حنظلة فقال‏:‏ يا لبيك أبا الفضل، وعرف صوتي مالك فداك أبي وأمي فقلت‏:‏ ويلك هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرة آلاف فقلت‏:‏ بأبي أنت وأمي ما تأمرني هل من حيلة‏؟‏ قلت‏:‏ نعم تركب عجز ‏(‏عجز‏:‏ العجز - بضم الجيم - مؤخر الشيء، يذكر ويؤنث، وهو للرجل والمرأة جميعا، وجمعه أعجاز والعجيزة‏:‏ للمرأة خاصة‏.‏ المختار 327‏.‏ ب‏)‏ هذه البغلة فأذهب بك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه والله إن ظفر بك دون رسول الله صلى الله عليه وسلم لتقتلن‏.‏

قال أبو سفيان‏:‏ وأنا والله أرى ذلك قال‏:‏ ورجع بديل وحكيم، ثم ركب خلفي، ثم وجهت به كلما مررت بنار من نار المسلمين قالوا‏:‏ من هذا‏؟‏ فإذا رأوني قالوا‏:‏ عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته حتى مررت بنار عمر بن الخطاب، فلما رآني قام فقال‏:‏ من هذا‏؟‏ فقلت العباس قال‏:‏ فذهب ينظر فرأى أبا سفيان خلفي فقال‏:‏ أبا سفيان عدو الله الحمد لله الذي أمكن منك بلا عهد ولا عقد، ثم خرج نحو رسول الله صلى اله عليه وسلم يشتد وركضت البغلة حتى اجتمعنا جميعا على باب قبة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال‏:‏ فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ودخل عمر على أثرى فقال عمر‏:‏ يا رسول الله هذا أبو سفيان عدو الله قد أمكن الله منه بلا عهد ولا عقد فدعني أضرب عنقه، قال قلت‏:‏ يا رسول الله إني قد أجرته قال‏:‏ ثم لزمت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت‏:‏ والله لا يناجيه أحد الليلة دوني فلما أكثر عمر فيه قلت‏:‏ مهلا يا عمر فإنه والله لو كان رجل من بني عدي بن كعب ما قلت هذا ولكنه أحد بني عبد مناف فقال عمر‏:‏ مهلا يا أبا الفضل فوالله لإسلامك كان أحب إلي من إسلام رجل من ولد الخطاب لو أسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ اذهب به فقد أجرته لك فليبت عندك، حتى تغدو به علينا، فلما أصبحت غدوت به فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ويحك أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله‏؟‏ قال‏:‏ بأبي أنت ما أحلمك وأكرمك وأعظم عفوك قد كان يقع في نفسي أن لو كان مع الله إله آخر لقد أغنى شيئا بعد قال‏:‏ يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأعظم عفوك، أما هذه فوالله إن في النفس منها لشيئا بعد فقال العباس‏:‏ فقلت‏:‏ ويحك اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل، والله، أن تقتل قال‏:‏ فتشهد شهادة الحق فقال‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله‏.‏

فقال العباس‏:‏ يا رسول الله إنك قد عرفت أبا سفيان وحبه الشرف والفخر اجعل له شيئا قال‏:‏ نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن،ومن أغلق داره فهو آمن، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بعد ما خرج‏:‏ احبسه بمضيق الوادي إلى خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها، قال العباس‏:‏ فعدلت به في مضيق الوادي إلى خطم الجبل، فلما حبست أبا سفيان قال‏:‏ غدرا يا بني هاشم فقال العباس‏:‏ إن أهل النبوة لا يغدرون ولكن لي إليك حاجة فقال أبو سفيان‏:‏ فهلا بدأت بها أولا فقلت‏:‏ إن لي إليك حاجة فكان أفرغ لروعي‏.‏

قال العباس‏:‏ لم أكن أراك تذهب هذا المذهب وعبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ومرت القبائل على قادتها والكتائب على راياتها، فكان أول من قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في بني سليم وهم ألف فيهم لواء يحمله العباس بن مرداس ولواء يحمله خفاف بن ندبة، وراية يحملها الحجاج بن علاط، قال أبو سفيان‏:‏ من هؤلاء‏؟‏ قال العباس‏:‏ خالد بن الوليد قال الغلام‏؟‏ قال‏:‏ نعم فلما حاذى خالد العباس وإلى جنبه أبو سفيان كبروا ثلاثا، ثم مضوا، ثم مر على أثره الزبير بن العوام في خمسمائة منهم مهاجرون وأفناء الناس ومعه راية سوداء، فلما حاذى أبا سفيان كبر ثلاثا وكبر أصحابه فقال‏:‏ من هذا‏؟‏ قال الزبير بن العوام قال ابن أختك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، ومرت نفر من غفار في ثلاثمائة يحمل رايتهم أبو ذر الغفاري ويقال إيماء بن رحضة، فلما حاذوه كبروا ثلاثا قال‏:‏ يا أبا الفضل من هؤلاء‏؟‏ قال بنو غفار قال‏:‏ مالي ولبني غفار، ثم مضت أسلم في أربعمائة فيها لواءان‏؟‏ يحمل أحدهما بريدة بن الخصيب والآخر ناجية بن الأعجم، فلما حاذوه كبروا ثلاثا فقال‏:‏ من هؤلاء‏؟‏ قال‏:‏ أسلم، قال‏:‏ يا أبا الفضل مالي ولأسلم ما كان بيننا وبينها ترة ‏(‏ترة‏:‏ الترة‏:‏ النقص‏.‏ وقيل التبعة‏.‏ النهاية 1/189‏.‏ ب‏)‏ قط قال العباس‏:‏ هم قوم مسلمون دخلوا في الإسلام‏.‏

ثم مرت بنو كعب بن عمرو في خمسمائة يحمل رايتهم بشر بن شيبان قال‏:‏ من هؤلاء قال‏:‏ بنو كعب بن عمرو، قال‏:‏ نعم هؤلاء حلفاء محمد، فلما حاذوه كبروا ثلاثا، ثم مرت مزينة في ألف فيها ثلاثة ألوية وفيها مائة فرس يحمل ألويتها النعمان بن مقرن وبلال بن الحارث وعبد الله بن عمرو، فلما حاذوه كبروا فقال‏:‏ من هؤلاء‏؟‏ قال مزينة قال‏:‏ يا أبا الفضل مالي ولمزينة قد جاءتني تقعقع من شواهقها، ثم مرت جهينة في ثمانمائة مع قادتها فيها أربعة ألوية لواء مع أبي زرعة معبد بن خالد، ولواء مع سويد بن صخر، ولواء مع رافع بن مكيث، ولواء مع عبد الله بن بدر، فلما حاذوه كبروا ثلاثا، ثم مرت كنانة بنو ليث وضمرة وسعد بن بكر في مائتين يحمل لواءهم أبو واقد الليثي فلما حاذوه كبروا ثلاثا، فقال‏:‏ من هؤلاء‏؟‏ قال بنو بكر قال‏:‏ نعم أهل شؤم والله هؤلاء الذين غزانا محمد بسببهم، أما والله ماشوورت فيه ولا علمته ولقد كنت له كارها حيث بلغني ولكنه أمر حم ‏(‏حم‏:‏ حم الشيء وأحم - على ما لم يسمى فاعله فيهما - أي‏:‏ قدر، فهو محموم‏.‏ المختار 120‏.‏ ب‏)‏ قال العباس‏:‏ قد خار الله لك في غزو محمد صلى الله عليه وسلم لكم ودخلتم في الإسلام كافة، قال الواقدي‏:‏ حدثني عبد الله بن عامر عن أبي عمرو بن حماس قال‏:‏ مرت بنو ليث وحدها وهم مائتان وخمسون يحمل لواءها الصعب بن جثامة، فلما مروا كبروا ثلاثا فقال‏:‏ من هؤلاء‏؟‏ قال بنو ليث ثم مرت أشجع وهم آخر من مر وهم في ثلاثمائة معهم لواء يحمله معقل بن سنان ولواء مع نعيم بن مسعود فقال أبو سفيان‏:‏ هؤلاء كانوا أشد العرب على محمد صلى الله عليه وسلم، فقال العباس‏:‏ ادخل الله الإسلام قلوبهم، فهذا من فضل الله فسكت ثم قال‏:‏ ما مضى بعد محمد‏؟‏ قال العباس‏:‏ لم يمض بعد لو رأيت الكتيبة التي فيها محمد صلى الله عليه وسلم رأيت الحديد والخيل والرجال‏:‏ وما ليس لأحد به طاقة قال‏:‏ أظن والله يا أبا الفضل، ومن له بهؤلاء طاقة‏؟‏

فلما طلعت كتيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضراء طلع سواد وغبرة من سنابك الخيل، وجعل الناس يمرون كل ذلك يقول ما مر محمد‏؟‏ فيقول العباس‏:‏ لا حتى مر يسير على ناقته القصواء بين أبي بكر وأسيد بن حضير وهو يحدثهما، فقال العباس‏:‏ هذا رسول الله في كتيبته الخضراء فيها المهاجرون والأنصار فيها الرايات والألوية مع كل بطل من الأنصار راية ولواء في الحديد لا يرى منه إلا الحدق، ولعمر بن الخطاب فيها زجل ‏(‏زجل‏:‏ الزجل - بفتحتين - الصوت، يقال‏:‏ سحاب زجل‏:‏ أي ذو رعد‏.‏ المختار 214‏.‏ ب‏)‏ وعليه الحديد بصوت عال وهو يزعها، فقال أبو سفيان‏:‏ يا أبا الفضل من هذا المتكلم‏؟‏ قال عمر بن الخطاب قال‏:‏ لقد أمر ‏(‏أمر‏:‏ ومنه حديث أبي سفيان ‏(‏أفد أمر أمرا بن أبي كبشة‏)‏ أي كثر وارتفع شأنه، يعني النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ النهاية 1/65‏.‏ ب‏)‏ أمر بني عدي بعد والله قلة وذلة فقال العباس‏:‏ يا أبا سفيان إن الله يرفع من يشاء بما يشاء، وإن عمر ممن رفعه الإسلام وقال في الكتيبة ألفا درع وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رايته سعد بن عبادة فهو أمام الكتيبة، فلما مر سعد براية النبي صلى الله عليه وسلم نادى يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذل الله قريشا فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا حاذى أبا سفيان ناداه‏:‏ يا رسول الله أمرت بقتل قومك‏؟‏ زعم سعد ومن معه حين مر بنا فقال‏:‏ يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذل الله قريشا، وإني أنشدك الله في قومك فأنت أبر الناس وأوصل الناس، قال عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان‏:‏ يا رسول الله ما نأمن سعدا أن يكون منه في قريش صولة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا أبا سفيان اليوم يوم المرحمة اليوم أعز الله فيه قريشا قال‏:‏ وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد فعزله وجعل اللواء إلى قيس، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اللواء لم يخرج من سعد حين صار لابنه فأبى سعد أن يسلم اللواء إلا بالأمارة من النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه بعمامته فعرفها سعد فدفع اللواء إلى ابنه قيس‏.‏

‏(‏كر‏)‏‏.‏

30174- عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح لما جاءه العباس بن عبد المطلب بأبي سفيان فأسلم بمر الظهران فقال العباس‏:‏ يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر، فلو جعلت له شيئا‏؟‏ قال‏:‏ نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن‏.‏

‏(‏ش‏)‏‏.‏

30175- عن ابن عباس قال‏:‏ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح لعشر مضت من رمضان‏.‏

‏(‏ش‏)‏‏.‏

30176- عن صفية بنت شيبة قالت‏:‏ والله لكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغداة حين دخل الكعبة، ثم خرج منها، ثم وقف على باب الكعبة وأن في يده لحمامة من عيدان وجدها في البيت فخرج بها في يده حتى إذا قام على باب الكعبة كسرها ثم رمى بها‏.‏

‏(‏كر‏)‏‏.‏

30177- عن صفية بنت شيبة قالت‏:‏ إني لأنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة فقام إليه علي بن أبي طالب ومفاتيح الكعبة في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا نبي الله صلى الله عليه وسلم اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين عثمان بن طلحة‏؟‏ فدعا له فقال له‏:‏ ها مفتاحك‏.‏

‏(‏كر‏)‏‏.‏

30178- عن ابن عمر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على درج الكعبة وهو يقول‏:‏ الحمد لله الذي أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ألا إن كل مأثرة ‏(‏مأثرة‏:‏ مآثر العرب‏:‏ مكارمها ومفاخرها التي تؤثر عنها، أي تروى وتذكر‏.‏ النهاية 1/22‏.‏ ب‏)‏ كانت في الجاهلية فإنها تحت قدمي اليوم إلا ما كانت من سدانة ‏(‏سدانة‏:‏ سدانة الكعبة‏:‏ هي خدمتها وتولي أمرها وفتح بابها وإغلاقه، يقال‏:‏ سدن يسدن فهو سادن‏.‏ والجمع سدنة‏.‏ النهاية 2/355‏.‏ ب‏)‏ البيت وسقاية الحاج، ألا وإن ما بين العمد والخطأ القتل بالسوط والحجر فيهما مائة بعير منها أربعون في بطونها أولادها‏.‏

‏(‏عب‏)‏‏.‏

30179- عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء مكة دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها‏.‏

‏(‏ز‏)‏‏.‏

30180- عن ابن عمر قال‏:‏ لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة جعل النساء يلطمن وجوه الخيل بالخمر فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال‏:‏ كيف قال حسان‏؟‏ فأنشده‏:‏

عدمنا خيلنا إن لم تردها * تثير النقع موعدها كداء

‏(‏كداء‏:‏ كسماء‏:‏ اسم لعرفات أو جبل بأعلى مكة ودخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة منه‏.‏ القاموس 4/382‏.‏ ب‏)‏

ينازعن الأعنة مصعدات * ويلطمهن بالخمر النساء

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ادخلوها من حيث قال حسان، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من كداء‏.‏

ابن جرير‏.‏

30181- عن أم عثمان بنت سفيان وهي أم بني شيبة الأكابر وقد بايعت النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا شيبة ففتح فلما دخل البيت ركع ورجع إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجب فأتاه فقال‏:‏ إني رأيت في البيت قرنا فغيبته، فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يلهي المصلي‏.‏

‏(‏خ‏)‏ في تاريخه، ‏(‏كر‏)‏‏.‏

30182- عن سعيد بن المسيب قال‏:‏ لما كان ليلة دخل الناس مكة ليلة الفتح لم يزالوا في تكبير وتهليل وطواف بالبيت حتى أصبحوا فقال أبو سفيان لهند‏:‏ أترين هذا من الله‏؟‏ ثم أصبح فغدا أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ قلت لهند أترين هذا من الله‏؟‏ نعم هو من الله‏؟‏ فقال أبو سفيان‏:‏ أشهد أنك عبد الله ورسوله والذي يحلف به أبو سفيان ما سمع قولي هذا أحد من الناس إلا الله وهند‏.‏

‏(‏كر‏)‏؛ وسنده صحيح‏.‏

30183- عن سعيد بن المسيب قال‏:‏ خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح من المدينة بثمانية آلاف أو عشرة آلاف ومن أهل مكة بألفين‏.‏

‏(‏ش‏)‏‏.‏

30184- عن عروة أن بلالا أذن يوم الفتح فوق الكعبة‏.‏

‏(‏ش‏)‏‏.‏

30185- عن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر عام الفتح من الجعرانة، فلما فرغ من عمرته استخلف أبا بكر على مكة، وأمره أن يعلم الناس المناسك، وأن يؤذن في الناس، من حج العام فهو آمن، ولا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان‏.‏

‏(‏ش‏)‏‏.‏

30186- عن عروة لما كان يوم فتح مكة قسم النبي صلى الله عليه وسلم بين الناس قسما فقال العباس بن مرداس‏:‏

أتجعل نهبي ونهب العبي * د بين عيينة والأقرع

وما كان حصن ولا حابس * يفوقان مرداس في المجمع

وقد كنت في الحرب ذا تدرأ * فلم أعط شيئا ولم أمنع

وما كنت دون امرئ منهما * ومن تضع اليوم لا يرفع

فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ اذهب يا بلال فاقطع لسانه، فذهب بلال فجعل يقول‏:‏ يا معشر المسلمين أيقطع لساني بعد الإسلام يا رسول الله لا أعود أبدا، فلما رأى بلال جزعه قال‏:‏ إنه لم يأمرني أن أقطع لسانك أمرني أن أكسوك وأعطيك شيئا‏.‏

‏(‏كر‏)‏ ‏(‏ذكر القصة مع الأبيات ابن سعد في الطبقات الكبرى ‏(‏4/272، 273‏)‏ واستدركت تصحيح الأبيات منه‏.‏ ص‏)‏‏.‏

30187- ‏{‏من مسند علي‏}‏ عن مصعب بن سعد عن أبيه قال‏:‏ لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال‏:‏ اقتلوهم وإن وجدتموهم معلقين بأستار الكعبة‏:‏ عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، فأما عبد الله بن خطل‏:‏ فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعد بن كريب وعمار فسبق سعيدا عمارا وكان أشب الرجلين فقتله، وأما مقيس بن صبابة فأدركه الناس في السوق فقتلوه، وأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم عاصف فقال أصحاب السفينة لأهل السفينة‏:‏ أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا ههنا، فقال عكرمة‏:‏ والله لئن لم ينجني في البحر إلا الإخلاص ما ينجيني في البر غيره، اللهم إن لك علي عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه أني آتي محمدا حتى أضع يدي في يده، فلأجدنه عفوا كريما، فجاء فأسلم، وأما عبد الله بن أبي سرح فإنه اختبأ عند عثمان، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد الثلاث ثم أقبل على أصحابه فقال‏:‏ أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله‏؟‏ قالوا وما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك ألا أومأت إلينا بعينك‏؟‏ قال‏:‏ إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة أعين‏.‏

‏(‏ش، ع‏)‏‏.‏

30188- ‏{‏مسند الأسود بن ربيعة‏}‏ عن الحارث بن عبيد الأيادي حدثني عباية أو ابن عباية رجل من بني ثعلبة عن الأسود بن أسود اليشكري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة قام خطيبا فقال‏:‏ ألا إن دماء الجاهلية وغيرها تحت قدمي إلا السقاية السدانة‏.‏

ابن منده وأبو نعيم؛ قال في الإصابة‏:‏ إسناده مجهول‏.‏

30189- عن أنس قال‏:‏ لما كنا بسرف ‏(‏بسرف‏:‏ وفي الحديث ‏(‏أنه تزوج ميمونة بسرف، هو بكسر الراء‏:‏ موضع من مكن على عشرة أميال‏.‏ وقيل أقل وأكثر‏.‏ النهاية 2/362‏.‏ ب‏)‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن أبا سفيان قريب منكم فافترفوا له وأخذوه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أسلم يا أبا سفيان تسلم قال‏:‏ يا رسول الله قومي قومي، قال‏:‏ قومك من أغلق بابه فهو آمن، قال‏:‏ اجعل لي شيئا قال‏:‏ من دخل دارك فهو آمن‏.‏

‏(‏كر‏)‏‏.‏

30190- عن أنس قال‏:‏ آمن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة الناس إلا أربعة‏:‏ عبد العزى بن خطل، ومقيس بن صبابة الكناني، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح وأم سارة، فأما عبد العزى فإنه قتل وهو آخذ بأستار الكعبة، ونذر رجل من الأنصار أن يقتل عبد الله بن سعد إذا رآه وكان أخا عثمان بن عفان من الرضاعة، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشفع له فلما بصر ‏(‏بصر به‏:‏ أي علم، وبابه ظرف‏.‏ المختار 40‏.‏ ب‏)‏ به الأنصاري اشتمل السيف، ثم خرج في طلبه فوجده عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فهاب قتله لأنه في حلقة النبي صلى الله عليه وسلم وبسط النبي صلى الله عليه وسلم يده فبايعه، ثم قال للأنصاري‏:‏ قد انتظرتك أن توفي نذرك، قال‏:‏ يا رسول الله هبتك أفلا أومضت ‏(‏أومضت‏:‏ أي هلا أشرت إلي إشارة خفية‏.‏ يقال‏:‏ أومض البرق، وومض إيماضا وومضا ووميضا‏:‏ إذا لمع لمعا خفيا ولم يعترض‏.‏ النهاية 5/230‏.‏ ب‏)‏ إلي‏:‏ قال‏:‏ إنه ليس لنبي أن يومض، وأما مقيس فإنه كان له أخ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل خطأ فبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني فهر ليأخذ عقله ‏(‏عقله‏:‏ العقل‏:‏ الدية‏.‏ المختار 351‏.‏ ب‏)‏ من الأنصار، فلما جمع له العقل، ورجع نام الفهري فوثب مقيس فأخذ حجرا فجلد به رأسه فقتله ثم أقبل وهو يقول‏:‏

شفى النفس من قد بات بالقاع مسندا * تضرج ثوبيه دماء الأخادع

وكانت هموم النفس من قبل قتله * تلم فتنسيني وطيء المضاجع

قتلت به فهرا وغرمت عقله * سراة بني النجار أرباب فارع

حللت به نذري وأدركت ثورتي * وكنت إلى الأوثان أول راجع

وأما أم سارة فإنها كانت مولاة لقريش فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الحاجة فأعطاها شيئا، ثم أتاها رجل فبعث معها كتابا إلى أهل مكة يتقرب بذلك إليهم ليحفظ عياله، وكان له بها عيال فأتى جبرئيل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثرها عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، فلحقاها في الطريق ففتشاها فلم يقدرا على شيء معها، فأقبلا راجعين فقال أحدهما لصاحبه‏:‏ والله ما كذبنا ولا كذبنا ارجع بنا إليها، فسلا سيفهما، ثم قالا، لتدفعن علينا الكتاب أو لنذيقنك الموت، فأنكرت ثم قالت‏:‏ أدفعه إليكما على أن لا ترداني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبلا ذلك منها فحلت عقاص رأسها فأخرجت الكتاب من قرن من قرونها فدفعته، فرجعا بالكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعاه إليه فدعا الرجل فقال‏:‏ ما هذا الكتاب‏؟‏ قال‏:‏ أخبرك يا رسول الله ليس من رجل ممن معك إلا وله قوم يحفظونه في عياله، فكتبت هذا الكتاب ليكون لي في عيالي فأنزل الله ‏(‏يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء‏)‏ - إلى آخر الآيات‏.‏

‏(‏كر‏)‏‏.‏

30191- عن أنس قال‏:‏ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح وعلى رأسه مغفر، فلما أن دخل نزعه فقيل له‏:‏ يا رسول الله هذا ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال‏:‏ أقتلوه‏.‏

‏(‏ش‏)‏‏.‏

30192- عن أنس أن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أجارت أبا العاص بن عبد شمس فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم جوارها، وأن أم هانيء ابنة أبي طالب أجارت أخاها عقيل بن أبي طالب يوم الفتح فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم جوارها‏.‏

‏(‏كر‏)‏ وقال‏:‏ هذا الحديث غير محفوظ إنما أجارت رجلين من بني مخزوم‏.‏

30193- عن علي قال‏:‏ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال‏:‏ انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة ‏(‏ظعينة‏:‏ الظعينة‏:‏ المرأة ما دامت في الهودج، فإذا لم تكن فيه فليست بظعينة‏.‏ المختار 320‏.‏ ب‏)‏ معها كتاب فخذوه منها فانطلقنا تعادى ‏(‏تعادى‏:‏ عدا في مشيه عدوا من باب قال‏:‏ قارب الهرولة وهو دون الجري‏.‏ المصباح 2/543‏.‏ ب‏)‏ بنا خيلنا حتى اتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة قلنا‏:‏ أخرجي الكتاب، قالت ما معي كتاب، قلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب فأخرجت الكتاب من عقاصها ‏(‏عقاصها‏:‏ العقيصة للمرأة‏:‏ الشعر الذي يلوى ويدخل أطرافه في أصوله والجمع عقائص وعقاص وعقصت المرأة شعرها عقصا من باب ضرب فعلت به ذلك وعقصته ضفرته‏.‏ المصباح 2/577‏.‏ ب‏)‏ فأخذنا الكتاب فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما هذا يا حاطب‏؟‏ قال‏:‏ لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنه قد صدقكم، فقال عمر‏:‏ يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال‏:‏ إنه شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال‏:‏ اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ونزلت فيه ‏(‏يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء الآية‏.‏

الحميدي، ‏(‏حم‏)‏ والعدني وعبد بن حميد، ‏(‏خ، م، د، ت، ن‏)‏ وأبو عوانة، ‏(‏ع‏)‏ وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، ‏(‏حب‏)‏ وابن مردويه وأبو نعيم، ‏(‏ق‏)‏ معا في الدلائل‏.‏

30194- ‏{‏أيضا‏}‏ عن الحارث عن علي قال‏:‏ لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي مكة أسر إلى أناس من أصحابه أنه يريد مكة فيهم حاطب بن أبي بلتعة وفشا في الناس أنه يريد حنينا فكتب حاطب إلى أهل مكة‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثني أنا وأبا مرثد وليس معنا رجل إلا معه فرس‏؟‏ فقال‏:‏ ائتوا روضة خاخ فإنكم ستلقون بها امرأة ومعها كتاب فخذوه منها، فانطلقنا حتى رأيناها بالمكان الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا لها هاتي الكتاب، فقالت‏:‏ ما معي كتاب فوضعنا متاعها ففتشناه، فلم نجده في متاعها فقال أبو مرثد‏:‏ فلعله أن لا يكون معها كتاب، فقلنا ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذبنا، فقلنا لها‏:‏ لتخرجنه أو لنعرينك‏؟‏ فقالت‏:‏ أما تتقون الله أما أنتم مسلمون‏؟‏ فقلنا لها‏:‏ لتخرجنه أو لنعرينك‏؟‏ فأخرجته من حجزتها - وفي لفظ‏:‏ من قبلها - فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فإذا الكتاب‏:‏ من حاطب بن أبي بلتعة فقام عمر فقال‏:‏ يا رسول الله خان الله وخان رسوله ائذن لي فأضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أليس قد شهد بدرا‏؟‏ قالوا‏:‏ بلى يا رسول الله، قال عمر‏:‏ بلى ولكنه قد نكث وظاهر أعداءك عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ فلعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال‏:‏ اعملوا ما شئتم ففاضت عينا عمر فقال‏:‏ الله ورسوله أعلم وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حاطب فقال‏:‏ ما حملك على ما صنعت‏؟‏ فقال‏:‏ يا رسول الله كنت امرأ ملصقا في قريش، وكان بها أهلي ومالي ولم يكن من أصحابك أحد إلا وله بمكة من يمنع أهله وماله فكتبت إليهم بذلك والله يا رسول الله إني لمؤمن بالله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ صدق حاطب فلا تقولوا لحاطب إلا خيرا فأنزل الله تعالى ‏(‏يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة‏)‏‏.‏

‏(‏ع‏)‏ وابن جرير وابن المنذر، ‏(‏كر‏)‏‏.‏